31‏/10‏/2010

ما بين The Social Network .. والجرائم المحمية بالقانون ونفاق المتعلمين


شاهدت يوم الجمعة الفائت 29-10 فيلم الشبكة الاجتماعية (The Social Network) وهو دراما اجتماعية يتناول سيرة شخصية لمؤسس شبكة فيس بوك مارك زوكربيرغ الذي يعتبر أصغر ملياردير في العالم إذ تُقدّر ثروته الحالية بخمس وعشرين مليار دولار وهو لا يزال دون الثلاثين من العمر.
أعجبني الفيلم جداً، فهو من الناحية الفنية، كما جاء في مدونة فيلم ريدر الرائعة للناقد محمد رضا والتي أتابعها منذ عدة سنوات:
"الفيلم مُحكم. من الصعب تصوّر طريقة أخرى لسرده كما من الصعب تصوّر ممثل آخر عدا جيسي أيزنبيرغ لإداء الشخصية الرئيسية، ليس لأنه يهودي كما زوكربيرغ، بل لأنه يعكس شخصيّته تلك على نحو ملائم. بشعره المجعّد ونظراته التي تحتار أين تقع حين تود أن تهرب، ثم بطريقته العدائية التي لا تقيم وزناً للشخص الآخر يجسّد ما هو قابل للتصديق لشخصية تنتمي الى السنوات العشر الأولى من هذا القرن"
وأكثر ما أعجبني في الفيلم أنه لم يقع أسيراً لشهرة زوكربيرغ فيجمّل سيرة حياته ويجعله قديساً كما يحصل عادة في الدراما العربية عندما تتناول شخصية مشهورة أو نافذة. إذ كما عبّرالناقد رضا في مدونته:
"السيناريو يتبلور سريعاً حول شخصية زوكربيرغ من دون الوقوع في أسرها ومع الإبتعاد كلّياً عن الوله بها وبنجاحها. هذا ليس فيلماً عن كيف تصنع الحلم الأميركي وتعيش سعيداً الى الأبد، بل عن كيف يصنعك الحلم الأميركي من دون أن يُغيّرك تماماً. يجعلك أكثر ثراءاً لكنه لن يبدّل ما فيك من خصال سواء أكانت حميدة او ذميمة"
تشير الأرقام إلى أن مملكة فيس بوك تضم 500 مليون مشترك من كافة أنحاء العالم، يقدر عدد العرب منهم بحوالي 25 مليون. وهذا العدد يزداد يومياً على اعتبار أن اللغة العربية هي أسرع اللغات نمواً على الفيس بوك.
وإن كان الهدف من إنشاء فيس بوك في البداية هو إيجاد طريقة سهلة لشباب جامعة هارفرد للتعرف على الفتيات، فإنه اليوم أوسع وأعقد من ذلك بكثير، ولا تُعرف حجم إمكاناته أو حدوده.
مساء ذات اليوم كنت أتابع مسار حملة"التضامن مع ضحايا جرائم الشرف في يوم 29-10" التي أطلقها موقع نساء سورية، وتابعها فيما بعد مجموعة من الشباب بإنشاء مجموعة مخصصة لهذا الغرض على فيس بوك لإيصالها إلى عدد أكبر من الأشخاص، كما امتدت تلك الحملة لتشمل المدونات وهي منصة إعلامية أخرى توفر بيئة مناسبة لمثل هكذا حملات.
وبحكم تواجدي في الساحتين، وصلتني الدعوة ولبيّتها، ليس بحكم الواجب الإنساني للتضامن مع الضحايا اللواتي كان يمكن أن أكون واحدة منهن ضمن البيئة التي نشأت فيها، فحسب، بل لأنها تعنيني كامرأة من حيث اقترانها بالمطالبة بأن أَعامل كإنسانة ومواطنة وأن أتساوى مع أخي وزوجي بكافة الحقوق والواجبات وعلى الدولة والمجتمع حماية هذا الحق، فالشرف وفقاً لجميع الأديان والأخلاق والمواثيق الاجتماعية والدولية لا يفرق بين الجنسين، أو أنه لايجوز أن يفرق بينهما لئلا يختل ميزان المجتمع.
رافق هذه الحملة بعض من سجال أو مناوشات إن صح التعبير، وإن كان ذلك أمر صحي وضروري شرط بقائه ضمن حدود النقاش وإبداء وجهات النظر المتعارضة، إلا أنه كشف عن بعض المفارقات والملاحظات أسجلها هنا:
1- غياب كل أنواع المنطق الصوري والرياضي والإنساني عن بعض الأقلام التي ربطت ما بين التضامن مع النساء ضحايا الجرائم والدعوة إلى الزنا والانحلال والتفلت الأخلاقي، وهو تكريس على ما يبدو لمبدأ بوش سيء الذكر، فإن كنت ضد الجريمة فأنت مع الانحلال.
2- تشير الإحصائيات إلى أن النسبة الأكبر من مرتكبي "جرائم الشرف" هم من أبناء الريف أو غير المتعلمين، وبالتالي إن إصرار فئة من الشباب المتعلم -مستخدمي الشبكات الاجتماعية والإعلامية الحديثة- على الإبقاء على مادة في القانون السوري تؤيد العنف ضد الإناث وتشجع على قتلهن، يمثل من وجهة نظري استعلاء منهم على مواطني الشريحة غير المتعلمة وتنصلاً من المسؤولية في تخليصهم من عادات بدائية تعيق حياتهم وتمنع عنهم التطور.
وعلى الرغم من عدم وجود دراسات تبين نسبة االمتعلمين من المؤيدين ل"قانون الشرف" الذين يمكن أن يقدموا فعلاً على ارتكاب جريمة القتل بحق قريباتهم، إلا أنني أجازف وأقول إن الغالبية العظمى منهم لا تلجأ إلى الجريمة، وربما تستبدلها بأشكال من العنف البدني والنفسي، مما يؤكد وجهة نظري الواردة آنفاً، وكأن لسان حالهم يقول "فخار يكسر بعضه".
3- بينما يتربع زوكربيرغ على عرش شبكة اجتماعية نغذيها منذ أن نفتح أعيننا صباحاً بأدق تفاصيل حياتنا ويومياتنا وأحلامنا وصورنا، يجلس شبابنا الذين لايقلون ذكاء عنه ليتراشقوا ويتجادلوا حول مادة غير مقدسة سقطت سهواً وفي غفلة من الزمن الراكض واستقرت في قانون دولتنا الحديثة.
4- من مفارقات هذه الحملة أنني ولتأثري الشديد منذ طفولتي بما يسمى ب "جرائم الشرف" والظروف المرافقة لبعض هذه الجرائم ولامعقوليتها في هذا العصر، كنت كتبت قصة قصيرة* منذ أكثر من 15 عام ونشرتها في أحد المواقع الإلكترونية، وعدت بعد عدة سنوات وكتبت قصة أخرى* ونشرتها في مجلة إنترنت العالم العربي، وها أنا في الخمسين من عمري أطلب النجدة من أصدقائي وأولادي وأولاد إخوتي وأصدقاؤهم الشباب والصبايا ومن خلال شبكتهم المفضلة فيس بوك لكي ينضموا إلى هذه الحملة! (وكأن قلب الزمن توقف في مجتمعنا).
5- أن يستجيب 4 من أصل 23 ممن أرسلت لهم دعوة للمشاركة، فيما يكتفي اثنان بوضع علامة "يعجبني" يطرح سؤالاً عن سبب عزوف الشريحة الأكبر عن المشاركة حتى في حملة أنا متأكدة تماماً أنهم من المؤيدين لها.
 بما أن الزمن توقف في مجتمعنا، فسأعود لنشر القصتين هنا في وقت لاحق*

28‏/10‏/2010

أنجبت توأمين.. احتفظت بالذكر وتخلصت من الأنثى!

ما الذي دفع بامرأة هندية في بومباي ولدت توأمين، أن تتخلص من الأنثى برميها من نافذة المستشفى وتبقي على الذكر؟

كامرأة وكأم يقشعر بدني عندما أقرأ مثل هذا الخبر، ولكنني في نفس الوقت لا أستطيع أن أبعد مشاعر الرثاء والشفقة على هذه الأم التي قامت بهذا الفعل، وأذهب بعيداً في التفكير بحثاً عن الضغط المجتمعي الذي شكل الدافع لهذه المرأة لتقوم بقتل طفلتها؟ 
 هذه الحادثة تذكرنا برواية "القرن الأول بعد بياتريس" للكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف 




إنه نفس الدافع الذي كان يجعل نانتي (جدتي) تصيح وتعابير وجهها تقطر غيظاً "كرّاتي" عندما كانت تسمع أن فلانة من القريبات أو حتى أمي أنجبت أنثى!

في مراحل متقدمة من عمري استطعت أن أستوعب نسبياً الأسباب والظروف المتراكمة عبر التاريخ التي تقف وراء كراهية جدتي وغيرها من النساء والرجال في مجتمعنا لمولد الأنثى، وإصرارهم على معاملتها بعنف وقسوة وبتمييز صارخ عن الذكر، وعدم ممانعة البعض منهم وأدها بذرائع وحجج كثيرة.

إلا أنني لا أستطيع مهما بلغت من العمر أن أستوعب أو أن أجد مبرراً لوجود مادة في القانون السوري تدعم هذا العنف والتمييز، إن القانون الذي وضع أصلاً لكي يشعر جميع المواطنين بالأمان بفضله، يشعرني كأنثى بالخوف والاضطراب، ما ينعكس بدوره فشلاً في إنجاز المهام والواجبات الملقاة على عاتقي وأولها تربية أبناء أصحاء جسدياً ونفسياً، وثانيها المساهمة في بناء مجتمع سليم ومنتج.

لذا ومن هذا المنطلق وإن كان من واجبنا نساء ورجالاً في سوريا "الحضارة" أن نتضامن مع أرواح النساء اللواتي يذبحن باسم الشرف اليوم وكل يوم، إلا أن الواجب يستدعي منا أولاً أن نطالب بمساواة المواطنين جميعاً ذكوراً وإناثاً أمام القانون السوري، وأن نسعى ونعمل من أجل إلغاء المادة ( 548 ) التي يعتبر وجودها عار على القانون في دولتنا وعار على المواطنين الذين يقبلون بوجودها.


22‏/10‏/2010

(548) إلى متى ؟؟؟؟؟

كن مجرماً، سارقاً، خائناً، مرتشياً، منافقاً، قواداً، عاطلاً، سكيراً، مغتصباً، ... لايهم!!!


مايهم أن تكون رجلاً وسكينك جاهزة لتجز عنقي، فتصبح شريفاً وفقاً لجهابذة القانون السوري.

04‏/10‏/2010

طرق بدائية للتملص من أعين الرقيب!!


كلما قمت بحملة نفض الغبار وتعزيل الخزائن العلوية التي تحوي أشياء أحتفظ بها من سنين بعيدة ومن شبه المؤكد أنني لن أحتاجها يوماً،أفكر برميها أو توزيعها وفي كل مرة أعيدها إلى مكانها قائلة لنفسي في المرة القادمة.
فوجئت بكتاب موجود بين مجموعة من الثياب والألعاب، لم أتذكر في البداية لماذا هو هنا أصلاً، أو متى وضعته؟ وعندما قرأت الغلاف الخلفي بدأت تتضح الصورة، ثم كالعادة نسيت التنظيف ورحت أتصفح محتوياته!
الكتاب هو رواية "سرنامة وقائع احتفال رسمي" للكاتب التركي عزيز نسين.
تعرفت على عزيز نسين ككاتب ساخر وأعجبت به، ولكن عندما قرأت له هذه الرواية صدمتني قسوتها. يتناول نسين في هذه الرواية السجن كمؤسسة عقابية ويصوره مكاناً للفساد والشذوذ والجريمة، ويعري من خلاله واقع المؤسسات الحكومية المعادية للحرية وحقوق الإنسان.
ولكن ماذا تفعل هذه الرواية في هذا المكان بعيداً عن إخوتها ورفيقاتها؟؟
إنها الرقابة!! عندما قرأتها وجدت أنها غير مناسبة لابنتي -التي شاركتني في قراءة بعض قصصه القصيرة- لتقرأها فأخفيتها قبل أن تراها، وبما أن لدي خبرة مع الرقابة الأبوية فقد أخفيتها بعناية في مكان لاتستطيع أن تصل إليه (أو هكذا أظن)، ونسيتها.
عندما كنت في الثالثة عشرة كان في بيتنا بعض الكتب المرمية في عدة أماكن من البيت، منها قصص لنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ومجموعة كبيرة لجرجي زيدان وكتب ابن عربي وغيرهم، وبحكم عدم وجود أي نشاط يمكن أن أقوم به – أو ربما مسموح به- جاءت الكتب كمنقذ لي في الصيف.
جذبني غلاف وعنوان رواية "شفتاه" لإحسان عبد القدوس، فبدأت بقراءتها وأنا ممددة على الصوفا في غرفة القعدة، يبدو أن انغماسي في القراءة لدرجة بقيت فيها مسترخية أثناء دخول والدي الغرفة أثارت في نفسه الشك، فسألني: ماذا تقرأين؟ قلت بلا اهتمام: قصة! سحبها من يدي وقلب صفحاتها، ثم أعلن فرماناً يقضي بأنه ممنوع علي قراءة مثل هذه القصص!!
لم أفهم ماذا يعني بهذه القصص، ولم يكلف نفسه أن يشرح! في اليوم الثاني سطوت على خزانة ملابسه وسحبت القصة وأنهيت قراءتها قبل عودته من الشغل، وعلى إثرها قررت أن أقرأ جميع قصص هذا الكاتب الممنوع، وهكذا قرأت كل ما وقع تحت يدي له. مثل أنا حرة، شيء في صدري، لا أنام، في بيتنا رجل، النظارة السوداء، وغيرها كثير.
تعلمت أن أستأجر قصصاً من مخزن للكتب المستعملة في حلب وأقبلت أقرأ كل شيء يمكن أن أحصل عليه في الصيف والشتاء، أحياناً وعند توفر ليرات قليلة كنت أشتري بعض الكتب التي تعجبني وأرغب بالاحتفاظ بها لإعادة قراءتها.
وللتخلص من أعين الرقيب كنت أغلف الكتب بورق نستخدمه عادة لتجليد الكتب المدرسية، وإمعاناً في التمويه أضع عليه بطاقة كتب عليها أنه كتاب تاريخ أو جغرافية أو دين وأمسك بيدي قلم رصاص على أساس أنني أدرس، هكذا ولسنوات قرأت كل ما يخطر أو لايخطر على البال، وكثير من الكتب لم أفهم منها شيئاً والبعض منها سبب لي أرقاً منعني من النوم لأيام من كثرة التفكير.
اليوم وبعد سنين طويلة أطلق سراح سرنامة عزيز نسين وأعيدها إلى مكانها، ولست متأكدة إن كنت نجحت في مسعاي أم أن "تياما" طورت وسائل أكثر ذكاء في تخطي الرقابة؟!





ظلال على الثلج

وكأنني أحمل حيواناً اصطدته على الثلج في الهاي بارك تورون