24‏/08‏/2010

خلعت أسلحتي وعدت إلى الحظيرة...!

تختلف عبارة "كلام رجال" جوهرياً عن عبارة "كلام نسوان" فالأولى تعني الالتزام والصدق واقتران الكلام بالفعل فيما تعني الثانية أنه مجرد حكي فاضي وغير ملزم.
وإلى أن يكتشف العلماء أسباب هذا الاختلاف، بما يفتح المجال لردم الفجوة بين الجنسين وتمكين المرأة -كلامياً على الأقل، ننعم نحن النسوان بهذه الحقيقة العلمية الدامغة التي نعتبرها ميزة، فنستمتع ونستفيض بالحكي الفاضي فيما يستفيض الرجال ويستمتعون بالحكي عن حكينا الفاضي.
وبما أنني أنتمي لفصيلة النسوان فلا أجد حرجاً في التراجع عن قراري الذي أعلنته سابقاً والتزمت به لمدة سنة كاملة، والمتعلق بمقاطعة التلفزيون. ورغم أنني غير مطالبة بتبرير تراجعي للاعتبار المذكور، إلا أنني سأورد بعض الأسباب تطوعاً.
فبالإضافة إلى الطابور الخامس الموجود في عقر داري والذي يدفعني بنعومة ومن حيث لا أشعر بالإقدام على اتخاذ قرارات لا أريدها، هناك مبررات للتراجع، منها ذاتية وأخرى موضوعية:
أولاً كوني عالقة هنا وعندي حنين إلى هناك، فالمسلسلات الرمضانية ستقلص مساحة هذا الحنين.
ثانياً إن مشاهدة المسلسلات في رمضان هي واجب يقع على عاتقنا دعماً للمنتجات الوطنية.
ثالثاً إنها (المسلسلات) تلعب دوراً في تخفيف الضغط النفسي، بما توفره لنا من مادة للحكي الفاضي والمليان فننشغل بتفاصيلها إلى درجة نظن أننا أصبحنا خبراء ليس في الدراما فحسب وإنما في علم النفس أيضاً.
وبناء عليه ها أنا أحمل الراية البيضاء وأعلن انضمامي إلى صفوف المشاهدين والمشاهدات الجالسين والجالسات على القلاطق والصوفايات، نفلي ونمشط كل الفضائيات، بحثاً عن البرامج والمسلسلات، بين لقمة قطايف وأخرى عوامات، لا نبارح مواقعنا إلا مع ظهور الإعلانات، نتراكض خلالها لقضاء حاجة مستعجلة بين المطابخ والحمامات، خوفاً من أن يفوتنا مشهد مؤثر لرأس بحد السيف يتطاير أو بقعة ضوء نستجدي منها الابتسامات.


12‏/08‏/2010

الفضيحة

بقلم: فاطمة نعناع
في الصباح، وما أن يطلق المنبه رنينه الحاد، معلناً عن بداية يوم جديد، وداعياً إلى نفض غبار النوم عن العيون، حتى يسارع سنتياغو إلى كتم أنفاس المنبه بيد، وسحب الغطاء فوق رأسه باليد الأخرى، طلباً لدقائق إضافية من النوم.. لكن، عندما تطلق أمه تهديدها، بأنها ستغادر البيت خلال دقائق، يضطر إلى القفز من السرير صائحاً: ثوان وأكون جاهزاً..
اليوم على غير العادة لم تسمع الأم صوت المنبه، فتوجهت إلى غرفته مستفسرة عن سبب تأخره.. جاءها صوته واهناً من تحت الغطاء بأنه يشعر بالتعب ولا يرغب بالذهاب إلى المدرسة. غالباً لا تأخذ الأمهات مثل هذه الادعاءات على محمل الجد، وتفسرها بأنها إما نتيجة للكسل أو للتهرب من مشكلة ما.. ولكن ما جعل أم سنتياغو تهتم، أنها لم تعهد بابنها مثل هذا السلوك، فهو طالب متفوق، ولم يفقد حماسته للعلم يوماً، ولذلك سألته إن كان يرغب في الذهاب إلى الطبيب، فأجاب بالنفي، وأن ما يعانيه مجرد إعياء بسيط، وأنه يحتاج للراحة فقط..




في المساء عاد الأب، وفور وصوله توجه إلى غرفة ابنه ليطمئن على حالته، فوجده لا يزال في سريره. وعندما أبدى قلقه، فوجئ به يخبره بأنه قد فصل من المدرسة لمدة شهر!!
عندما تفصل مدرسة أحد طلابها المتفوقين، والمشهود لهم بحسن السلوك، لمدة شهر، وبدون إخبار أهله، فهذا يعني أنه قد اقترف ذنباً خطيراً!! لكن ما الذي اقترفه الشاب حتى يستحق مثل هذه العقوبة القاسية؟؟ هذا ما توجه به الأب نحو ابنه قبل أن يتوجه إلى المدرسة ليطلع على حقيقة الأمر..
منذ أن قدم الأب أنطونيو مهاجراً من هندوراس قبل أكثر من عشر سنوات، واستقر في ولاية فلوريدا الأمريكية، وهو يحاول تحسين ظروفه المعيشية. وعلى الرغم من الصعوبات التي كانت يمر بها في عمله كثيراً، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاهتمام بأسرته، وخاصة متابعة أمور ولديه الدراسية. ومن جهته لم يقصّر سنتياغو، البالغ من العمر ستة عشرة عاماً، والطالب في الصف الثاني الثانوي، في دروسه، وسجل درجاته الممتازة، يؤهله للحصول على منحة من إحدى الجامعات الأمريكية. لكنه، منذ أن انتقل في بداية العام الحالي مع أسرته إلى ولاية هيوستن، والتحق بإحدى مدارسها الثانوية، وهو يعاني من مشاكل لا تنتهي، مما أقلق والديه، خوفاً على تدهور مستواه الدراسي، وبالتالي ضياع مستقبله كغيره من الشباب، الذين يجدون أنفسهم غارقين في مشاكل تحاصرهم وتقودهم إما إلى الانخراط في عصابات العنف والجريمة، أو الارتماء في أحضان المخدرات..
بدأت معاناة سنتياغو عندما وجد نفسه في مدرسة تحفل بكثير من المتناقضات، يكاد التعاون يكون معدوماً بين كل من الهيئة التدريسية والهيئة الإدارية، ربما بسبب ضعف المدير وتسليمه إدارة المدرسة للمشرف الإداري الذي يتعامل مع الطلاب بمكيالين. ففي الوقت الذي يتغاضى فيه عن كثير مما يقوم به بعض الطلاب من أفعال تصل إلى حد الإساءة لزملائهم أو حتى لمدرسيهم، لا يتوانى عن معاقبة البعض الآخر لأتفه الأسباب! تحكمه في ذلك معايير ذاتية وأهواء خاصة. وتلك المعايير نفسها تحكم علاقته بالمدرسين.
والمشكلة، أنه عندما يشتكي أحد الطلاب من سوء المعاملة، فإنه يتعرض للسخرية والإهانة، على يدي المشرف.
وجد سنتياغو صعوبة في التأقلم مع هذه الأجواء الفاسدة، ومراراً طلب من والده أن ينقله إلى مدرسة أخرى، لكن الأب كان يكرر على مسامعه، أن البداية في كل مكان غالباً ما تكون صعبة، وعليه الصبر، ويزيد عليه بقوله: أنت شاب ذكي وبالتالي بإمكانك اكتشاف الطريقة التي ستمكنك من التعامل مع الأمور مهما كانت صعبة.
كيف السبيل إلى ذلك وهو يشعر بأن ذكاءه يسبب له الإحراج؟ فلأنه متفوق جداً في مادة الرياضيات، كان يصطدم كثيراً مع مدرس غير كفء، يزعجه وجود طالب في الصف بهذه الدرجة من الذكاء، ويسبب له الإحراج أمام طلاب الصف!! واتهمه المشرف، لهذا السبب، أكثر من مرة بأنه يسعى إلى إثارة الشغب والفوضى، واستعراض مهاراته في الصف وتأليب الطلاب ضد مدرسيهم، مما سيضطره إلى اتخاذ الإجراءات الرادعة لوقفه عند حده..
على النقيض من ذلك، كان مدرس الكمبيوتر يمتدح مهاراته ويشجعه على الاستمرار، ولا يبخل بتقديم المساعدة له ولغيره من الطلاب في هذا المجال، وقد أعجب بالصفحة الشخصية التي أنشأها سنتياغو على شبكة إنترنت وحثه على تطويرها، وهذا ما حصل حتى أصبحت صفحته الشخصية منتدى لتبادل الرسائل بينه وبين زملائه الذين راحوا يتداولون بداية أمورهم الخاصة، ثم تطور الأمر وانتقلوا للتباحث بأمور المدرسة، وبدؤوا بطرح أسباب المشاكل التي يعانون منها في المدرسة، والأساليب الكفيلة بتخليص المدرسة من الحالة التي هي عليها. واقترح أحدهم إثارة الأمر في وسائل الإعلام، وعزا آخر سبب المشاكل إلى المشرف الذي اتهمه بأنه متواطئ مع مجموعة من الطلاب الذين يشكلون عصابة تفرض على زملائهم ما يريدون، حتى أنهم يفرضون غرامات مالية، ويتعرضون بالضرب لمن يخالف أوامرهم.. وتناول بعضهم، أيضاً، مشكلة ضعف أداء بعض المدرسين، وحتى المدير نفسه لم يسلم من انتقاداتهم.. وخلال فترة قصيرة ، شاع أمر الصفحة بعد أن اجتذبت بعض المهتمين بهذه المسائل من خارج المدرسة، وقد وصل أمرها إلى إدارة المدرسة، فقام المشرف بمتابعة ما يكتب لعدة أيام قبل أن يستدعي صاحب الصفحة، سنتياغو، ويعبر له عن انزعاج المدرسة من تناول أخبارها بشكل يؤدي إلى تشويه سمعتها، وأمره بإزالة كل ما يتعلق بشؤون المدرسة من الموقع فوراً، وإلا سيتخذ بحقه الإجراءات الإدارية التي تنص عليها لائحة النظام المدرسي!!
انصاع الطالب للأمر وقام بحذف جميع المواد المتعلقة بالمدرسة، وطلب من جميع زملائه عدم التعرض لمثل تلك القضايا. طبعاً خوفاً من تهديد المشرف له وحفاظاً على سجله نظيفاً من أي نقاط سوداء يمكن أن تؤثر على مستقبله.
وعمد المشرف إلى مراقبة الصفحة لفترة، ليتأكد من عدم وضع أي مواد تتعلق بالمدرسة، كما كلف سراً أحد الطلاب المقربين منه بمتابعة المراقبة..
لن يطول التزام سنتياغو بتعهده أمام المشرف، بعدم نشر أي مواد تسيء لسمعة المدرسة، لأن ما يقوم به المشرف لا يمكن السكوت عنه، خاصة بعد آخر مشكلة حدثت في المدرسة، والطريقة التي تعامل بها المشرف مع بعض الطلاب.
في الصباح الباكر قام أحد الطلاب بكتابة بعض العبارات البذيئة على جدران المدرسة، وفي داخل بعض الصفوف، كما لم ينج باب غرفة المشرف والمدير من تلك العبارات. عندما حضر المشرف وأحيط علماً بما جرى، أسرع إلى الصفوف التي كتبت العبارات داخلها، وأغلق أبوابها، وبدأ بتفتيش كل غرفة بدءاً من خزائن الطلاب، ثم راح يفتش الطلاب تفتيشاً دقيقاً، وبطريقة مهينة. وأثار حنق الطلاب، أيضاً، استثناء البعض من هذا التفتيش. وفوق هذا إهانته لبعض الطلاب، الذين افترض أنهم من قام بمثل هذا العمل، ولم يسلم سنتياغو من لسانه، مذكراً إياه بما تم تداوله في صفحته على الإنترنت.
وكان لهذا الحادث أثره في زيادة حقد الطلاب على المدرسة، ولم يجدوا مجالاً للتنفيس عن غضبهم سوى العودة إلى الكتابة، وبدأت تظهر دعوات لوضع حد لهذا الوضع، ولعدة أيام انشغل الطلاب بالحديث والنقاش، واتصل بعض الأهالي يسألون عن صحة ما يشاع عما يجري في المدرسة، فاستنكرت الإدارة ما يكتب، وادعت أنها أحاديث مراهقين!!
استدعي سنتياغو من قبل الإدارة، ووجهت له تهمة الإساءة المقصودة للمدرسة، وبما أن المدرسة قد نبهته قبل ذلك، وحذرته من تشويه سمعتها، فلابد من معاقبته وخاصة بعد عرض نماذج من العبارات التي سجلت في الموقع على مجلس إدارة المدرسة. ووافق مجلس إدارة المدرسة على فصل سنتياغو لمدة شهر بتهمة الإساءة للمدرسة، والتحريض على إثارة الفوضى والشغب فيها.
نتيجة لهذا القرار، سيضطر سنتياغو إلى إكمال بعض المواد التي لن يحضر امتحاناتها في الصيف، مما سيؤثر على معدل درجاته، وبالتالي على قبوله في الجامعة، وهو ما أثار نقمة والده، فتوجه إلى المدرسة طالباً إعادة النظر في هذا القرار المجحف بحق ابنه، وعندما رفضت المدرسة طلبه، لم يعد أمامه سوى رفع القضية إلى المحكمة، التي فتحت تحقيقاً فورياً شاملاً بالقضية، وبعد مداولات سريعة أقرت المحكمة ببطلان قرار فصل الطالب، وقضت بعودته إلى مدرسته. أما بشأن ما قدمته إدارة المدرسة من حجج استندت إليها في قرارها بفصل الطالب، فقد اعتبرتها المحكمة غير ذات قيمة لأن ما ورد على صفحات موقع سنتياغو، هو تعبير عن الرأي الذي يعتبر أحد الحريات التي كفلها الدستور للمواطن.
وكان لهذه الحادثة أن أثارت الانتباه إلى الأوضاع السيئة التي تعاني منها المدرسة، وعلى أثرها طلب من المشرف والمدير تقديم استقالتهما، وهذا ما كان..





06‏/08‏/2010

الدردشة القاتلة


بقلم: فاطمة نعناع
"ياله من صباح مشؤوم.. معاينة جثة في الخامسة صباحاً!"
همس المحقق رونالد لنفسه، وهو يضع سماعة الهاتف، ثم انتزع جسده بصعوبة من سريره الدافئ.. ارتدى ملابسه، وتوجه مسرعاً نحو موقع الجريمة. بدت الحادثة لرونالد غير عادية، فهو لم يواجه جريمة قتل منذ عشر سنوات، فمدينته وديعة، وسكانها مسالمون.
استقبله رجال الشرطة بوجوم، وأبلغوه أنهم حضروا إلى المكان، بعد أن تلقوا هاتفاً من مجهول، أخبر فيه عن وجود جثة بين الأشجار في المنطقة، ثم قادوه إلى مكان الجثة، التي كانت محزومة ضمن كيس، وعندما فحصها تبين له، أنها لشاب مقتول بالرصاص.
تعرّف المحقق على هوية الشاب: الاسم برايان، أعزب في الثلاثين من العمر، يقطن في ضاحية قريبة من موقع الجريمة. وعندما اقتحم منزله برفقة رجال الشرطة، وجد الكمبيوتر شغالاً، وزر المودم الأحمر يفصح أنه لا زال مفتوحاً على شبكة إنترنت. فتح المحقق صندوق الرسائل الإلكترونية الواردة لبرايان (Inbox)، فوجده مليئا بالرسائل. انتقل سريعاً إلى أحدث رسالة واردة، فوجد أنها وصلت الساعة الخامسة وعشر دقائق من مساء أول أمس.. فتحها وقرأ نصها: "أعتذر عن مرافقتك، اذهب بمفردك وسوف أتحدث إليك لاحقاً، لأعرف ما دار بينكما.. سارة".
اتجه المحقق على الفور، نحو الهاتف والتقط دفتر الهاتف الخاص ببرايان، وتفحصه فعثر على اسم سارة جونسون ورقم هاتفها، فاتصل بها، وبعد أن عرّفها بنفسه، طلب مقابلتها لأمر عاجل. ولم ينس، قبل أن يغادر المنزل، أن يحجز جهاز الكمبيوتر، بهدف متابعة التحقيق في محتوياته.
وفي تمام الساعة الخامسة مساء كان رونالد في منزل سارة. وعندما التقى بها سألها:
هل تعرفين برايان؟
أجابت على الفور: نعم، ولكن، هل أصابه مكروه؟
فأبلغها أنه وجد مقتولاً، وأن تعاونها معه، سيساهم في الكشف عن القاتل.
وبنبرات الأسى والحزن أبدت سارة استعدادها للمساعدة في كل ما تعرفه، فتابع المحقق يسألها:
متى التقيت به آخر مرة؟
_ قبل ثلاثة أيام.
وآخر مرة تحدثت إليه هاتفياً؟
_ حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد ظهر أول أمس.
وهل تحدث هو إليك، بعد ذلك؟
_ لا.. اتصلت به مرتين، في اليوم ذاته ولم أجده، فأرسلت له رسالة عبر البريد الإلكتروني، أعتذر فيها عن موعد كان بيننا، ثم اتصلت البارحة عدة مرات بلا جدوى، وهذا ما أقلقني.
وهنا سألها المحقق:
كنت قد اعتذرت عن الذهاب معه إلى موعد معين، كما ورد في رسالتك، فما حقيقة الأمر؟
تنهدت سارة قائلة:
في الحقيقة، كنا على موعد لزيارة صديقنا داني، ولكنني، اعتذرت عن الذهاب بسبب شعوري بالإرهاق.
المحقق: لكن، يبدو واضحاً، أنه كان لديك فضول لمعرفة ما سيدور بينهما، فلماذا؟
أطرقت سارة قليلاً، ثم قالت: اهتمامي نابع من أنه كان اللقاء الأول بين داني وبرايان.
قال المحقق باستغراب: كيف؟ ألا يوجد معرفة سابقة بينهما؟
أجابت سارة: بل يعرفان بعضهما جيداً منذ حوالي الشهرين، من خلال غرف الدردشة في إنترنت، والتي كانت السبب الرئيسي في تعارفنا جميعاً. وقد أبدى داني حديثاً، رغبته في التعرف إلى برايان شخصياً، ودعاه إلى منزله.
المحقق: هل تعتقدين أن داني قتل برايان؟
سارة: أستبعد ذلك. فداني شخص لطيف، ولا أعرف سبباً يدفعه للقتل.
طلب المحقق من سارة عنوان داني، وحجز كمبيوترها، أيضاً، للتدقيق في محتوياته، ثم توجه مباشرة إلى منزل داني الذي لا يبعد كثيراً عن مكان اكتشاف الجثة.
عندما التقى المحقق بداني، سأله عن برايان، فأجاب أنه يعرفه من خلال غرف الدردشة عبر إنترنت، ولم يلتق به قط، في مكان آخر.
فقال المحقق: لكن لدي معلومات أنه زارك هنا في منزلك يوم مقتله، بناء على موعد حددته بنفسك عبر غرف الدردشة في إنترنت، وهذا ما أقرته صديقتك سارة.
اعترف داني بالموعد، ولكنه ادعى أن برايان تخلف عنه، بدون اعتذار.
وبتفتيش المنزل عثر المحقق على ثلاثة أجهزة كمبيوتر، فأمر بحجزها، للبحث فيها عما يفيد التحقيق في القضية.
ومن خلال البحث في أجهزة كمبيوتر داني، عثر المحقق على رسائل إلكترونية تشير إلى وجود علاقة عاطفية بين داني وسارة. وكشف البحث في كمبيوتري برايان وسارة، عن علاقة عاطفية، أيضاً، بينهما، وهذا ما دفع المحقق للشك، بأن الجريمة وقعت بسبب التنافس على سارة.
وأصبح لدى المحقق أسباب قوية للاعتقاد أن داني هو القاتل، ولكن كان ينقصه دليل مادي أو شاهد إثبات.
اتجه تفكيره للبحث عن الشخص الذي أبلغ الشرطة عن وجود الجثة، وبأنه لابد أن يكون على صلة قوية بداني.
فعاد إلى تحليل الرسائل الإلكترونية الخاصة بداني، واستعان بسارة، أيضاً، لمعرفة أكثر الأصدقاء قرباً منه، فتوصل إلى أنه سام، الذي انهار أثناء بالتحقيق معه، واعترف أن داني، أبلغه أثناء حديثهما في غرفة دردشة خاصة عبر إنترنت، أنه تورط بقتل برايان، وطلب منه المساعدة في نقل الجثة. واعترف، أيضاً، أنه ذهب فعلاً إلى منزل داني وساعده في نقلها، ورميها في الأحراش. لكنه بعد ذلك لم يستطع النوم فنزل إلى الشارع، وتوجه إلى أقرب هاتف عمومي، واتصل بالشرطة وأبلغهم بوجود الجثة، في المكان المحدد.
وعندما واجه المحقق داني بهذه الأدلة، لم يبق أمامه سوى الاعتراف، مبرراً فعلته بحبه لسارة، التي لم يحب سواها على الرغم من بلوغه الأربعين من عمره، وبأنه عندما اكتشف أن علاقة سارة ببرايان تطورت باتجاه عاطفي، قرر وضع حد لهذه العلاقة وذلك بدعوتهما معاً لمنزله، ودفع سارة لاتخاذ موقف واضح من كليهما. وكان واثقاً أن سارة تحبه ولن تتخلى عنه، وهذا ما توقع أن تعلنه أمام برايان. لكن عدم حضورها أصابه بالتوتر، ودفعه للطلب من برايان الابتعاد عن سارة، لأنه يفكر في الزواج منها. وقال أنه ما كان من برايان إلا أن سخر منه، وأسمعه كلاماً قاسياً، مشيراً إلى أن علاقته بسارة غير متكافئة كونه في عمر والدها، وبالتالي من الأفضل أن يبتعد هو عن طريقهما، ويبحث عن امرأة تناسب كهولته، مما أفقده توازنه ودفعه إلى إطلاق النار عليه.
قضت المحكمة بالسجن عشر سنوات على داني بتهمة القتل غير العمد، وحكمت، أيضاً، بالسجن سنة واحدة على صديقه سام، لمساعدته في إخفاء معالم الجريمة.



بلاك بيري....... والحسد

عندما كتبت عن البلاك بيري هنا في المدونة ختمت الموضوع بعبارة "اللهم لاحسد" ومع ذلك كأنني ألمح هذه الأيام نظرات في العيون تحملني المسؤولية عن قرار حجب خدمة البلاك بيري في الإمارات، أو ربما على رأي المثل (اللي فيه شوكة بتنخزه).
وبما أن أمري قد انكشف فلابد من الاعتراف بأنني ومنذ فترة طويلة أشعر بأن لدي قدرات لايستهان بها على الحسد أحاول كتمانها وعدم الاعتراف بها، وكنت أرجع الأمر دائماً على أنه مجرد مصادفة، ولكن بعد أن أصبح الأمر موثقاً في هذه المدونة لم يعد أمامي مهرب من الاعتراف، عل وعسى يكون الخطوة الأولى نحو الشفاء من هذه الآفة.
وبما أنني حالياً على الأقل- لا أجرؤ على ذكر الحالات التي نجحت بإلقاء حسدي عليها، أعدكم بتوجيه قدراتي وطاقتي إلى ماوراء البحار والمحيطات، وسأكتب عن كل ما يثير حسدي هنا في هذه المدونة تحت تصنيف "حسديات" لكي تكون موثقة، وعندما تتجمع لدي مجموعة، سأعمد إلى نشرها في كتاب سأسميه "حسديات na3na3 لعام ...." تيمناً بكتب توقعات ماغي فرح وأخواتها المنتشرات في طول الإعلام العربي وعرضه، وربما تقتنع الفضائيات والإذاعات العربية والمجلات النسائية والرجالية بقدراتي الحسدية فتستثمر خبراتي في هذا المجال، وعندما تطبق شهرتي الآفاق سأحل محل الأخطبوط بول في مونديال عام 2014 وتكون مهمتي الجلوس وراء اللابتوب ورمي تعويذة الحسد على الفرق التي تريدون خسارتها-من أجل عيون الأحبة ستكون إيطاليا محمية!.
أما اليوم فسأوجه حسدي نحو فنلندا، ولماذا فنلندة بالذات؟ بالتأكيد ليس بسبب نوكيا فأنا لاأزال على العهد باقية منذ أول موبايل وحتى الآن، وإنما بسبب هذا الخبر البسيط:
"أصبحت فنلندا اعتباراً من 1 تموز أول دولة في العالم تمنح مواطنيها حقاً قانونياً في الحصول على خدمة الإنترنت فائقة السرعة تصل إلى 1 ميغا بت في الثانية، وتخطط لجعلها 100 ميغا بت في الثانية بحلول 2015"
وقد ذكرني هذا الخبر بنغمة الديال أب التي لاتزال تصدح في الأجواء السورية وتعيدنا إلى عصر ببور الكاز. وبما أنني لن أحصل على سرعة 100 ميغا بت في الثانية بحلول 2015 فيما لو قررت أن أعيش كما أخطط في إحدى قرى الساحل السوري القريبة أو النائية، فأرى من الطبيعي أن أصب جام حسدي على الفنلنديين.
لفتني تعليق أحد القراء على هذا الخبر قوله "حظ الكافر وافر" ومن جهتي أقول هنيئاً للكفار بوفرة الميغا بيتات، ولنا -اللهم لاحسد- وفرة الشعارات وعلى رأسها "القناعة كنز لايفنى".

(الصورة للذكرى فقط)




04‏/08‏/2010

المدرسة والهروب من الكتاب!!

نقرأ ..... لا نقرأ!
تقارير تنمية بشرية وإنسانية وثقافية ودراسات وأبحاث كثيرة تؤكد أن الإنسان العربي لايقرأ.
وذكرت دراسة أجرتها swissinfo.ch، بعنوان لماذا لا يقرأ العرب؟ بعض الأرقام والمقارنات التي تؤكد هذه المشكلة، مثال "كل 20 عربياً يقرأ كتاباً واحداً في السنة، بينما يقرأ الأوروبي 7 كُـتب في العام"
و"يبلغ معدل القراءة عند الإنسان العربي 6 دقائق في السنة مقابل 36 ساعة للإنسان الغربي"
واتفقت معظم تلك التقاريروالدراسات على أن أسباب أزمة القراءة، تعود إلى الأمية وارتفاع أسعار الكتب وضيق الوقت، وضعف دور الأهل والمدرسة.
ولكن، إذا استبعدنا الأمية، وبحثنا عن أسباب عزوف شريحة المتعليمن عن القراءة وخاصة الشباب، فماذا نجد؟
بفضل وجود الطبعات الشعبية للكتب -على سبيل المثال: منشورات وزارة الثقافة في سوريا ومكتبة الأسرة في مصر- وتوفر الكتب المستعملة بأسعار مناسبة، ووجود المكتبات العامة واستعارة الكتب من الأصدقاء (أقول استعارة يعني إعادة الكتاب إلى صاحبه وليس الاحتفاظ به) فلن يكون لغلاء أسعار الكتب أهمية تذكر.
وإذا استبعدنا حجة الوقت لأن العاملين في كل دول العالم لديهم تقريباً نفس عدد ساعات العمل. كذلك إذا استبعدنا دور الأهل وتوفر المكتبات المنزلية رغم أهميته، إذ أن الواقع يشير إلى أن نسبة كبيرة ممن يقرؤون لم يكن لديهم مكتبات منزلية ولم يتلقوا أي تشجيع من الأهل.
من كل الأسباب التي ذكرت يبقى سبب واحد لايمكن استبعاده هو المدرسة.
باعتقادي ومن خلال خبرتي العملية والحياتية أن دور المدرسة بالوضع الراهن ليس سلبياً فحسب، أي أنه لايشجع الطلاب على القراءة، ولكنه ينفر الطلاب من القراءة، لأن كل مكونات العملية التعليمية من كتاب مدرسي ومناهج ومدرسين وأساليب التعليم، تجعل الطالب يربط القراءة والمطالعة بالمدرسة وصورتها القاتمة في ذهنه فيهرب بعيداً جداً... وهل يلام؟

ظلال على الثلج

وكأنني أحمل حيواناً اصطدته على الثلج في الهاي بارك تورون